jeudi 21 mai 2009

مقدمة أهنال

مدخل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان لزاما علي أن أؤلف هذا الكتاب لأدون فيه آرائي حول العلم والثقافة والمجتمع واللغة والتعليم، وذلك من خلال مساري العلمي والثقافي. وكنت أؤجل في كل مرة هذا المشروع لأنه كان أمامي دوماً مشروع آخر أظن أنه أهم وأفيدُ.
والدافع الذي جعلني أرفع القلم هذا الصباح هو أني ربما تعبتُ من البحث اللغوي والتأليف النظري، وأنني في حاجة إلى استراحة، والصيف الذي دخل منذ أيام هو بالنسبة لي فصل متعة وراحة... ولكن متعتي ليست في الفراغ وأنا كما قال الكاتب الفرنسي أناتول فرانس في كتاب سماه {راحتي الوحيدة هي العمل}، لا أهدأ إلا أمام ورقة أو آلة كاتبة، ولا أنعم بالراحة إلا عندما ينشغل عقلي بتدوين الأفكار والكلمات.
واعتدت التأليف ، خلال هذه السنوات، متبعا إيقاعا تناوبيا يجعلني مرة أنصب في كتاب علمي أرضي به جانبي الدّيكارتي، العقلاني، ومرة أرضي مشاعري وعواطفي من خلال رواية أو قصة أو قصائد ...
وفي السنتين الماضيتين، خالفت شيئا ما هذا العادة واندرجت في سلسلة التأليف العلمي لمدة ثلاث سنوات متتابعة أصدرت فيها ثلاث كتب كلّفتني الكثير من المشقة... وكثيراً ما تأتيني فترة تعب وإرهاق خلال التأليف والبحث... إرهاق شديد لا تزيله الراحة لأن الانقطاع عن المشروع متعب في حد ذاته... وأستمر في العمل رغم هذا الإرهاق الذي قد يدوم الشهر أو أكثر، وتنقشع ذات يوم الغيوم وتأتي الراحة بعد التعب وأستمر في المشروع مخصصاً له كل وقتي... فلا أهتم بملابسي أو سيارتي ... ولا بالرياضة التي كنت أمارسها بصفة منتظمة. وأحيانا أشعر بأن الذهاب إلى الحمام يشغلني عن البحث!!!
وكنت أجد غريباً منظر بعض الزملاء الذين يقضون وقتهم في الدردشة... فلا أفهم كيف يضيعون وقتاً أراه أغلى من ذهب!
وكثيرا ما كنت أنهض وسط الليل لأنني اكتشفت شيئاً غاب عني وعن غيري أو حللت مشكلة عويصة أو حددت مفهوما... وأحمد الله على هذا ... وأحمده أكثر في نهاية المشروع فأذيل الكتاب بالعبارة {ثمّ بعون الله وحفظه}... وهذه العبارة لا يفهمها حقّ الفهم إلاّ من عرف صعوبات المخاض، وهذه المتعة الممزوجة بالألم زمان الكتابة والتأليف.

نسيت أن أذكر الدافع الذي دفعني بطريقة مباشرة إلى هذه الورقة وهو أنني بالأمس وأنا أفتح بريدي الإلكتروني، وجدت رسالة من مؤسسة طلبت منها دعماً لمشروع كان في طريق الانجاز... ولم أكن أُدعَّم من قبل، فكنت أصرف نقودي الخاصة من أجل الطباعة والنشر والتوزيع... وجدت رسالة تقول لي فيها هذه الجهة: إنها آسفة على عدم تبنيها لهذا المشروع ... أشكرهم، فلولاهم لما كنت هذا الصباح أمام هذه الورقة.
كما أشكر كل من حاولوا عرقلة مشاريعي وكل من حاولوا تهميشي، وكل من نقدوني في الخفاء... فهذه العرقلة، وهذا التهميش، وهذا النقد انقلب في كل مرة إلى ايجابيات وتحفيز ...
ولست أدري وأنا الآن أمام ورقة بيضاء ثانية ستتلوها بعون الله أوراق أخرى، لست أدري ما ستَخُط يدي وما سيدون في هذا الكتاب من أفكار لأنني قررت أن أرتجله ارتجالاً وأن أنهج نهج العفوية بدلا من نهج التنظيم المحكم ...
وفي الحقيقة إني كتبت هذا الكتاب مراراً، ولكن في ذهني، وبواسطة كلمات خفية. ولكن المكتوب ليس كالمنطوق، والمنطوق ليس كالفكر الخفي، فهذا همس والآخر جهر، والأول فوق الجهر لأنه ثابتٌ لا يزول أثره إلا إذا تناسته الأجيال وأضاع الزمان رَسْمهُ ...
وأخيراً ليوفقني الله في هذا العمل، وليجعل القارئ يستفيد منه سواء كان قارئاً باحثاً مثقفاً أو قارئاً بسيطاً كما يقال ... والثقافة لا تقاس بالشهادات فهذا البسيط قد يكون له من الدراية والفهم والذكاء ما لا يملكه غيره من أصحاب الشهادات.
وشكري الجزيل لقرائي في زمان قلت فيه القراءة بل كادت تندثر، شكر لطلابي الذين سايروا أعمالي وشاركوني متعة الاكتشافات، لطلبة قسنطينة، الجزائر، الأغواط وكل الجامعات الذين راسلوني بالأنترنات أو تكلموا عني في الندوات، لبعض الزملاء الأوفياء، ولكل من تلقى خطاباً أرسلته ففهمه وأعجب به وسرني وأمتعني الفهم المتبادل كما سره وأمتعه ...
والحمد للمولى عز وجل على رعايته وحفظه.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire